Tuesday, January 6, 2009

صاحب المزود


تعالوا إلي أيها الأطفال فأقص عليكم قصة صاحب المزود .
في سالف الأزمان ، كان هناك رجل كل ما يستحوذ عليه في حياته هو مذود و كان من يعرفه من الناس يدعوه صاحب المذود نظراً لمعرفتهم إلى أي مدى ذلك المذود غالي عند هذا الرجل .
كان صاحب المذود يحب مذوده بشده و كان هذا يثير دهشة من حوله نظراً لأن المذود كان من أحقر ما يكون ، لا يحتوي إلا على بعض حيوانات الحي منها و الميت المتحلل الذي يطير حوله الذباب من جميع الجهات مع وجود ثابت للفضلات و زيادتها .
على الرغم من هذا ، كان صاحب المذود يواظب على سلوك غريب جداً ، كان يكتب الرسائل و يبعث بها يومياً إلى ملك الولاية يطلب منه أن يتذكره ، يرفعه من تلك النكبة و يطلب منه طلب غريب جداً و هو أن يبعث بكناسين القصر حتى ينظفوا مذوده الثمين .
عرف الناس بذلك السلوك و بدأ البعض يسخر و البعض يعزي و البعض يتطوع لتنظيف المذود إلا إن صاحب المذود أولاهم ظهره و لم يستمع لصوتهم و كف عن إرسال الجوابات و بدأ يكتفي بالدخول إلى مذوده كل ليلة و يغلق بابة و يجلس منتظراً .
لم يكن يعرف ماذا ينتظر أم إنه لا ينتظر أصلاً و يهرب من نظرات الناس؟ لم يكن يدري .
في ليلة من الليالي ، سمع دقات متتالية على الباب . فتح ليجد رجل عجوز لا يستطيع حتى الوقوف و مستند على عصاه .
-" أيوة ، نعم "
-" ممكن يا بني نقعد عندك الليلة دي ؟ "
-" آسف يا بويا بس أنا مستني ناس " و هم باغلاق الباب إلا إن العجوز أوقف الباب بقدمه .
-" أرجوك يا بني ، مراتي حامل و في التاسع و شكلها هتولد النهاردة "
نظر صاحب المزود حيث أشار العجوز فوجد سيدة حامل تعلو جحشاً صغيراً .
-" مذود ده يا بويا مش مستشفى "
-" و إحنا قابلين ، أرجوك يا بني أرجوك " نظر صاحب المزود إلى وجه العجوز المتوسل ثم إلى وجه المرأة الحزين ثم صمت قليلاً و قال بتذمر :" اتفضلوا " و سبق إلى الداخل و بعد قليل وجد العجوز يدخل و يجر وراءه الجحش الذي يحمل الحبلى .
جلسوا في صمت . كان صاحب المذود لسبب أو لآخر يشعر بالحرج من قذارة المكان إلا إنه كان يعزي نفسه بأنهم ليسوا بالأشخاص المهمين و إنهم سوف يقضون ليلة فحسب و يذهبون .
استفاق من تفكيرة على صوت آنات متتالية من المرأة و عرف إن الوقت قد حان . لم يعد يتحمل الوجود في ذلك الجو المشحون بالقلق . قام من مجلسه و خرج . كان و هو بالخارج يستمع إلى الصرخات بالداخل و كان غاضباً لأنه لا يحمل ذنباً حتى يتحمل كل هذا .
فجأة ، تهدأ كل الصرحات و يسمع صوت بكاء خفيف لطفل . وجد نور عظيم فوقه . نظر ليجد نجم كبير في كبد السماء يقترب و يقترب حتى استقر فوق مذوده . بدأ الضيوف يهلون . كانوا بعضاً من الرعاة و قد دخلوا المذود دون أن يستأذنوه أو يعيرونه اهتماما و هم بأن يوقفهم ليجد ناس ذات ملابس غالية الثمن أتوا و نزلوا من على أحصنتهم . ظنهم رجال الملك و قد استجابوا لرسائله . لعن كل من داخل المزود في سره ثم اتجه نحوهم :" أهلاً و سهلاً ، شرفتونا " و لما اقتربوا أكثر اتضح لهم إنهم يحملون أفخم الهدايا :" و كمان جايبين معاكم الهدايا ، الموضوع مش مستاهل يعني ده بالعكس ده أنا اللي المفروض اعتذر إنني مكنتش جاهز و مفضتش مزودي قبل ما تيجوا " لم يرد أحدهم عليه بل اجتازوه و تركوه و كأنه شيئاً لم يكن . لم يعد يفهم شيئأ مما يحدث . ظل مزوده يحمل نور النجم .
مضت ساعات ثم بدأ النجم يعلو و يعود لسماه . بعدها ، رأى الرعاة و الأغنياء يخرجون من مزوده و يذهبوا . ظل واقفاً لفترة بدهشة ثم تمتم "أغبياء" . دخل المزود بسرعة ليجده قد أصبح و كأنه لوحة لفنان عبقري و لم يعد هناك وجود للقاذورات كما إنه لم يعد هناك لا العجوز و لا المرأة لكنه وجد الطفل و وجد جميع الحيوانات تشدو حوله بسيمفونية واحدة كلً بلغته .
اقترب منه و وجده أروع جمالاً من بني البشر .
و الآن ماذا ستفعل يا صاحب المزود الفقير ؟ حتى متى تنعتهم بالغباء ؟ و ماذا ستفعل في السنين المقبلة بذلك الطفل ؟ و ماذا عن مزودك ، إلى أيكما ستملكه ؟ إنه قرارك وحدك ، القرار الذي تملكه فقط بعد المزود يا .... صاحب المزود