Friday, September 5, 2008

شوال الحكمة

كنت في سيارتي متخذ طريقي له ، إلى معلمي الذي طالما تعلمت منه الكثير . كنت ذاهباُ له لآخذ برأيه في أمر شغل بالي على مدار الأيام و الليالي الماضية . وصلت أمام بيته و نزلت من السيارة . دققت الجرس . فتح لي خادمه ، حييته و أنا أدخل في سرعة و ابتسم لي ابتسامة ذات مغزى فقد قرأ في عيني الحماسة لمعرفة أمر ما جديد . سبقته إلى الداخل عند المكتب فلم أكن غريباً على البيت . دققت على الباب في هدوء و فتحت الباب و دخلت . وجدته هناك يعطي ظهره للمكتب و الدخان يتصاعد من أمام وجهه الذي لا أراه . دون أن أتكلم ، دخلت و جلست على أحد الكرسيين المجاورين للمكتب . لا أعلم كم مضى من الوقت حتى بدأ بالكلام دون أن يلتفت :" أهلاَ"
-" إزاي حضرتك ؟ "
-" عايز أيه ؟ " لم اندهش كثيراً من هذة المعاملة الجافية فقد اعتدت عليها فسألت على الفور دون تردد :
-" الحكمة ، أنا عايز يبقى عندي الحكمة "
صمت قليلاً ثم التفت لي :" و جاي تسألني ليه ؟ "
-" عشان أنت استاذي و الحياة يا ما علمتك "
ابتسم و نظر لي كثيراً :" مغفل "
-" مغفل ؟؟؟"
-" طبعاً عشان سايب أشولة الحكمة و جاي تسأل واحد زيي فات عليه الوقت إنه يحل السؤال ده "
-" أشولة الحكمة ؟ هم كتير كده ؟ أنا مش طمعان في شوال و أبقى ممنون لو شفت جوينت خفبف كده من الحكمة"
-" تبقى مبتشوفش يا أستاذ " تعجبت فاستكمل :"الأشولة دي تتلاقى بالسهل أوي و مش أي حد باعتها ، ده اللي باعتها هو الكبير ، الكبير أوي "
-" أعذر غبائي و مللي بس ممكن أعرف : يعني أيه شوال الحكمة أو يبقى أيه ؟ "
-" شوال الحكمة يا سيد يبقى الطفل الصغير "
-" الطفل ؟ شوال حكمة ؟ تيجي إزاي دي ؟ "
وقف و نظر من النافذة :" طبعاً ، كلنا لازم نقعد نتفرج على الأطفال كده و إحنا ساكتين و نتعلم . الطفل كائن قادر على تسلية نفسه مهما كانت الظروف . ده لو اتفرجت عليه من بعيد لكن قرب منه كده و حاول تتعرف عليه . جايز ما يأمنلكش في الأول لكن لو عرفك هيحبك من غير حسابات و هيخليك تشاركه في ألعابه من غير الحسابات الغبية للمنافسة و الحقد ده غير إنه هيحكيلك كل حاجة حتى أتفه الحاجات عشان اللي في قلبه على لسانه . أحمل حاجة فية إنه مبياخدش تلقائيته حجة يتكلم فيها بوقاحة لكن اللي في قلبه النقي بينقله لسانه النقي . جايز أقصى صراع ممكن يعملهيبقى على لعبة زينا بالظبط كده إحنا الكبار اللي بنتحارب على أراضي بس الفرق بيننا و بينه إنه لو ما أخدش اللي عايزه ممكن يستسلم و كل اللي بيعمله إنه يعيط شوية و ده حقه عشان ميتكبتش و بعدين بعد ما يحصل اللي يحصل الطفل بيبقى محترف في استخدام نعمة من احلى النعم اللي ربنا أداهالنا ، نعمة النسيان . الطفل بينسى بسرعة عشان كده تلاقيه بيسامح بسرعة ده لو كان زعل أصلاً يعني . المهم بعد كل ده بنتريء على الطفل و سذاجته و إحنا مش عارفين مين الساذج الحقيقي و بغبائنا بننقل له كل اللي نقدر إننا ننقلهوله عشان يكبر و يبقى غبي زينا . بنقتل براءته و إحنا فاكرين إن اللي الطفل فيه ده جهل و بنبقى عايزين ننقله حكمة على أساس إن الحكمة بتساوي وعي فقط مش عارفين إن فيه حسابات تانية للحكمة زي حب الغير . بص مثلاً على السيجارة اللي أنا بشربها ، أديني أنا واعي بها ، هل معنى كده إن أنا حكيم زماني ؟ كلام فاضي . ياريت نتعلم من الأطفال بدل ما نعلمهم " قال هذا ثم عاد إلى جلسته الأولى . فهمت هكذا إنه يريدني أن أذهب . خرجت مصدوماً إلا إنني تعلمت ، تعلمت إننا نشبه هؤلاء اللذين ما أن يجدوا صندوق فيه كنز نقلب محتويات الصندوق و نستخدم الصندوق في تخزين الفحم . يا ليت كلٍ منا يبحث عن أقرب شوال حكمة له و يذهب لينهل منه

Tuesday, September 2, 2008

باتمان و لا بابا يسوع ؟ -الجزء الثالت و الأخير

كان يتجول بسيارته في أنحاء المدينة . لم يستطع أن يجلس مطمئنا في فيلته بعد أن عرف إن الجوكر حر طليق فمن الممكن أن يقدم على أي فعل إجرامي فأثر أن ينزل و يدور لعله يجد الجوكر هنا أو هناك . لما فقد الأمل ، أتخذ طريقه عائدا إلى الكهف الموجود أسفل فيلته . قرب الكهف ، سمع صوت خادمه يتحدث من مذياع سيارته كالمعتاد و سأله :
-" سيد (بروس) ، لقيت حاجة ؟ "
-"لأ يا (الفريد) و دي حاجة هتجنني ، طالما معملش حاجة طب هرب ليه ؟ "
-" طب فيه حد عايز يكلمك هنا ؟ "
-" حد ؟ حد مين ؟ "
-" أنا يا باتي هاهاهاها "
سمع باتمان هذا الصوت من خلال المذياع . إنه يعلم تماما من هو صاحب تلك الضحكة :" جوكر "
-" بالظبط يا باتمان ، دلوقتي أديني عملت حاجة ، ارتحت ؟ "
-" إزاي عرفت شخصيتي ؟"
-" صديق مشترك هاهاها و بعدين عيب يا أخي لما نبقى ألد الأعداء كده و تكون مخبي عليا سر زي دة هاهاها "
-" عايز أيه يا جوكر ؟ "
-" بص ، دلوقتي ، خادمك عزيزك بين أيديا ، ممكن أنسف راسه في أي وقت ، مش هيسعفه مني غير حاجة واحدة "
-" و هي ؟ "
-" تسمع الكلام ، أول حاجة عايزها منك دلوقتي ، تركن عربية دافنشي اللي أنت راكبها دي جمب الكهف و تيجي هنا مشي ، أنا مستنيك " و أغلق الجوكر الاتصال . ركن باتمان سيارته ، نزل منها و دخل الكهف سائرا حتى وجده في النهاية ، وجد الجوكر ممسكا بألفريد و يصوب نحوه المسدس . بدأ الجوكر :" خفاش كويس "
ظل باتمان على ثباته و هو يقول :" أديني جيت ، سيبه بقى يا جوكر "
-" هاهاها ، أسيبه ؟ هاهاها ده (ألفريد ) ده هو أهم واحد في اللعبة اللي إحنا واقفين فيها ، مش كده و لا أيه با (ألفي) ؟ هاهاها "
-" أنت عايز إيه بالظبط يا (جوكر) ؟ "
-" بص يا باتمان ، جايز أنا و أنت أعداء بس فينا صفات كتيرة مشتركة ، أنا عارف إن أنت زيي مش مقتنع بالنظام الجديد اللي المدينة ماشية بيه عشان هو نظام ضعيف و أنا متفق معاك يا باتمان "
-" أنت غلطان ، أنا مقتنع بالنظام ده جدا ، ده عدل ناس كتير و بيقتلع الجريمة من جوثام "
-" أنت كداب " قالها الجوكر صارخا ثم استكمل :" لو كنت مقتنع إنه نظام قوي مكنتش فضلت في ازدواجيتك المعتادة . تقدر تقوللي لو كان حد غيري عرف إن باتمان حامي حمى المدينة هو المليونير المستهتر الشريب (بروس وين) كان إيه اللي هيحصل ؟ كانت قدوة ناس كتير هتنهار بس أنت مولعتش في ازدواجيتك رغم إن النظام الجديد بيدعو لكده ده غير إنك لسه مستخبي ورا ماسك الخفاش ده عشان ده الرمز اللي بتخوف بيه أعداءك و ده معناه إنك لسه مؤمن بالخوف و فعاليته و الكلام الكتير عن السلام و الدفء بالنسبة لك هباء . أنت مش مؤمن إن الله ممكن يردعني و ده اللي خلاك أول لما عرفت إنني هربت إنك تلبس زيك المشهور و تنزل تدور عليا عشان تردعني بالقوة المادية .... "
-" كفاية ، كفاية "هكذا قاطعه باتمان و قد بدأ يهتز إلا إنه تدارك ثباته و نظر إلى الجوكر في تحدي:"و أدي الماسك " و خلع قناعه و ألقى به على الأرض و داس عليه . ارتجفت شفتا الجوكر للحظة ثم ابتسم :" كده ؟ طب يللا نلعب لعبتنا بقى ، لعبة بتعتمد على الاختيارات . أنبيا كتير ظهروا في عهودهم و كانوا بيدافعوا عن حقوق الناس بس الشخص اللي الناس بتألهه ده اللي اسمه يسوع قال إن من أحب أبا أو أما أكتر مني فلا يحبني فما بالك لو حبيت خدامك أكتر منه ناوي تبقى أنهي عينة بقى ؟ " و أبعد ألفريد قليلا عنه و جعله أمامه و هو يصوب نحوه المسدس :" و دلوقتي يا باتمان ، اللعبة كالآتي ، جمبك فيه مسدس ، خده و اقتلني أو اقتل خدامك يا قديس "
بدأت عينا بروس تدمع :" ليه يا جوكر ؟ "
-" أنا إنسان مؤمن بالفوضوية و إن كل انسان جواه مسخ مبيظهرش غير تحت ضغط فجالي نظام يمحي الفوضى دي و مش كفاية كدة ، ده كمان مؤمن إن الانسان أصله قديس و إن فيه فرصة دايما للعودة للنضافة و التوبة ده غير إنه خلاك تؤمن بيه و ده هيحرمني من مواجهتك ، عشان كده مفيش غير حل واحد ليا قدام النظام ده ، أموت عشان راية الفوضى اللي أنا و أنت نشرناها في جوثام ترجع تاني "
بدأ (الفريد) يجري مبتعدا عن جوكر الذي أطلق رصاصة على قدم الخادم المسكين الذي سقط و هو يطلق صرخة ألم . لم يحتمل بروس صرخة خادمه فأمسك بالمسدس و صوبه نحو الجوكر متحفزا . القى الجوكر مسدسه بعيدا و التفت إلى بروس مشجعا أياه :" يللا أعملها ، أنا مستني " . كان كلام الجوكر المستفز المتتابع و آهات الخادم المخلص المتتالية تبعث فيه الغضب إلا إنه بغضبه ذلك ألقى بمسدسه بعيدا و هو يقول للجوكر باكيا :" لأ ، مش هعملها " . توجه نحوه الجوكر و كال له لكمة فقال :" احبوا أعداءكم " لكمة أخرى " من لطمك على خدك الأيسر أدر له الآخر " . لكمه الجوكر لكمة أسقطته على الأرض و أحضر عصا و أخذ يضربه بها و هو ساقط على الأرض و هو يصرخ به :" يللا قوم ، قاومني ، أنت تقدر تعمل كده " ثم ألقى بالعصا و جلس على الأرض بجانب باتمان المسجي و الدماء تغرق وجهه و وضع رأسه بين كفيه ينتحب في صمت و سمع صوت باتمان المنهك :" أنت ذكي يا جوكر و جواك زينا كلنا شخص حلو بس أنت بتمثل إنك قتلته ، يا راجل ده أنت الوحيد فينا اللي عنده الموهبة إنه يضحك في أحلك اللحظات ، متخلي ضحكك ده نابع عن قوة مش عن ضعف " قال بروس تلك الجملة و حل الصمت.
بعدها بأيام ، لمح أحدهم الجوكر يساعد أعمى في عبور الشارع و هو يردد على أذنه نكات يضحك كلاهما عليها ثم فتح هذا الأحدهم تليفونه و طلب رقما و قال بعض الكلمات .
هناك ، في المحيط الهادي ، مازال واقفا يراقب مياه المحيط من جزيرته حتى جاء أحد رجاله :" يا زعيم ، الجوكر بقى مواطن صالح "
-" هممممم "
-" هااه ؟ نبتدي تنفيذ خطتنا الجديدة "
-" إنسى كل خططنا ، خلاص مفيش تدمير "
-" بس يا زعيم ....."
-" مفيش بس ، و دلوقتي إتفضل "
-" تحت أمرك " و انسحب تاركا راس الغول يفكر :" أنا كنت عايز أعمل كده سعيا للرقي و لعالم كامل بس خلاص الرقي كان موجود كل ده و إحنا مش فاهمين . المحبة هي الشعور اللي ممكن الانسان بيها يختلف ، يرتقي ، يضحي
حقيقي ، جوثام كانت خطوة أولى عقبال الباقي . رحمك الله يا فارس جوثام ال.... الأبيض " قالها راس الغول و نظر إلى الأرض و ذرف دمعة .

ملحوظة : هذة القصة تأليف طفل كبير عاش مرحلة من مراحل حياته محتارا من يكون قدوة القوة بالنسبة له ، باتمان و لا بابا يسوع ؟

Monday, September 1, 2008

باتمان و لا بابا يسوع ؟ - الجزء الثاني

هناك في المحيط الهادي ، في إحدى تلك الجزر المجهولة ، كان هناك واقفا يراقب المياة في هدوء و تأمل . فجأة ، قطع هذا الهدوء صوت هدير مروحية هبطت أمامه دون أن يبدر منه أي حركة . نزل من الطائرة أحدهم لا تفارق الضحكة وجهه و بدأ بالكلام :" راس الغول ، بقالنا كتير متقابلناش يا راجل "
-" عايز إيه يا جوكر ؟"
-" مجرد صفقة جاي أعقدها معاك "
-" و إيه الصفقة اللي ممكن واحد زيك يحققها معايا "
-" بص يا راس هاهاها أنا عارف كويس الهدف اللي أنت عايش حياتك عشان تحققه "
-" معتقدش إن واحد زيك أصلا ممكن يفهم هدفي الراقي "
-" لا ، أنا فاهمه ، أنا عارف كويس أوي إنك عايز تعمل على فناء جزء من البشرية عشان الجزء الباقي يعيش في عالم نعمه كتيرة و الكل يقدر بعد كده يعيش في سعادة و رقي من غير صراعات مع العلم إنك هتخلي البقاء للأقوى "
-" برافو يا جوكر ، حقيقي أبهرتني ، بس برضة بقى مش عارف بعد كل ده إيه الصفقة اللي ممكن تتم بينا ؟"
-" أنت اللي بيمنع خططك دايما هو شخص واحد ، باتمان "
-" فبالتالي؟ "
-" أنا ممكن أجيبلك راسه "
ابتسم راس الغول :" طب ماهو طول الوقت بيبوز خططك أنت كمان ، إيه اللي جد يعني ؟ "
-" اللي جد هي الحاجة اللي خلتني أجيلك ، جوثام دلوقتي بتدمرني و بتدمر باتمان "
-" بتدمرك ؟ بتدمرك إزاي ؟ "
-" أنا شخص كل هدفه الفوضى و جوثام دلوقتي ماشية بنظام غريب ناجح مبيحصلوش حاجة على الرغم إنه أمل نظام في الحياة ، النظام الكنسي "
-" النظام الكنسي ؟ جوثام بقت بتتبع أساليب غريبة طب و الفارس الأسود بيتدمر ليه ؟ "
-" سر المهنة و انا ناوي أدمره و أنا بتدمر بس فاضلي حاجة واحدة و تبقى خطتي محكمة في تدميرة و هنا بتكمن الصفقة يا راس "
-" عايز إيه يا جوكر ؟ "
-" عايز أعرف مين هو باتمان "
ابتسم راس الغول مرة أخرى في ثقة :" بس كده ، باتمان هو .... المليونير المعروف بروس وين "
ضحك الجوكر ضحكته المعتادة :" شكرا هاهاها شكرا يا راس نياهاهاها " و ذهب و ركب الطائرة التي طارت به بينما كان راس الغول يراقبها و هو يقول :" واضح إن المهرج ده احتمال ينجح ، متسيبوش يعملها يا فارس جوثام الأسود "
(TO BE CONTINUED)