Monday, May 31, 2010

كليب ((حبيبي)) لجوليا بطرس

مقدمة : لطالما كانت واحدة من أمنياتي هي أن أعمل على إخراج كليب لأغاني أحبها على طريقتي الخاصة و ما أنتم على وشك قراءته الآن هي واحدة من تلك المحاولات لشطحات التخيل تلك الخاصة بي
ملحوظة : إذا أردت أن تشعر بذلك الكليب المكتوب و أن تنجح في تخيله ، استرخي و ضع السماعات على أذنيك و إبدأ في سماع الأغنية و ... و إغمض عينيك
تبدأ تلك الموسيقى الهادئة على العديد من مظاهر الفرحة في مكان واسع مفتوح كجنينة نرى بها العديد من الناس يتضاحكون معاً و أطفال يجرون هنا و هناك و العديد من البلالين تطير .
مع بدايتها للأغنية ، يظهر في الكادر شفتيها في مواجهة مع ميكروفون و هي تبدأ :" يمكن ماقلتلك إنك أنت حبيبي " ثم يبعد الكادر لتظهر هي بفستان جميل جداً أمام المايك مستكملة :" لكن قدمتلك حياتي يا حبيبي "
يتحرك الكادر فيجلبها من ظهرها حتى نرى ما هي في مواجهته لنكتشف ما هي في مواجهته من كوشة يعلوها عروسين يعلوهما فرحة غامرة و هي مكررة للمرة الثانية :يمكن ما قلتلك إنك أنت حبيبي
ثم يعود الكادر على وجهها و يتحرك مع تحركه معبراً عن هروب النظرات " لكن قدمتلك حياتي يا حبيبي " و مع نهاية الكلمة يكون قد ظهر مشهد لوح لها العريس من بعيد فتلتفت له و هي تستكمل مبتسمة تلك الابتسامة الحزينة :" يا أحلى عمري اللي جاي ، بدي أحكيلك حكاية " ثم مع تكرار الجملة للمرة الثانية ، تظهر مشاهد متكررة لهم في فترة صباهم لا نفهم منها شيء لها مثلاً و هي بضفيرتين جالية بجانبة في مكان يبدو ككلية و تعطي له ابتسامة ساحرة و في يوم آخر يكونان وسط مجموعة في مطعم فتضربه على يده عندما يحاول أن يأخذ منها الساندوتش ثم مع " قللك فيها" مشهد لها وحدها و هي لازالت بالضفيرتين حاضنة صورة "إنك أنت حبي و نصيبي " و تبعد الصورة فإذ بالصورة له هو و فجأة تظلم الشاشة و تعود فجأة على الفرح و يكون الكادر كعين طائر يتحرك من فوق و هي تراها و تصرخ :"حبيبي يا حبيبي " مع كادرات لها من عدة زوايا مع تكرارها و مع آخر مرة تقول فيها الكلمة تضع رأسها في الأرض بلمحة حزن .
"راح ضحي بأيامي تا أرضي عينيك " مشهد له بجانبها يتحدث بحزن ناظراً إلى الفتاة بعيداً و هي تشرد ثم تعود للتركيز معه عندما ينظر لها
"راح جمع أحلامي رش ورود حواليك " مشهد لها هي شخصياً و هي تتحدث مع الفتاة ثم مشاهد لثلاثتهم في أكثر من مكان في لمحة خاطفة و "مع رش ورود حواليك"الثانية نعود للحاضر مرة أخرى و هي بالفعل ترش ورد خلف موكب العروسة . ثم
"لإلك فرحي و بسماتي " كادر لها و هي في الجامعة تضحك له تلك الضحكة الحمقاء الطفولية معبرة به عن مدى روعة و جمال نقاء قلبها
"لإلك ليلي و دمعاتي " كادر لها و هي تبكي بحرقة ليلاً ممسكة بشدة في الوسادة ناظرة إلى صورته القدية من خلف دموعها
"لإلك فرحي بسماتي" في الحاضر وهي تبارك لهم أمام الكوشة و تأخذ صورة معهما مبتسمة و تلتقط الكاميرا ابتسامتها مع ناظرة خاطفة لها مع استكمال :"قدري كله يا حياتي مرسوم بعينيك "
"لإلك فرحي و بسماتي " كادر لها و هي تعدل له الكرافت قبل الفرح و تنظر لابتسامته و رضاه باسمة
"لإلك ليلي و دمعاتي " صورة لها في حمام أوتيل الفرح ترى نفسها و هي بالفستان و تشرب من زجاجة غامضة ثم تبتسم
الكاميرا تدور حولها في الفرح و هي أمام المايك مكملة
"قدري كله يا حبيبي مرسوم بعينيك "
و كأنه لأول مرة يأخذ باله فترتسم الدهشة على نظرته بعد الضحك المستمر و يركز معها و يبعد الكادر و يجليهما من اليمين متباعدين متواجهين هو جالس في الكوشة و هي : حبيبي
عليها : حبيبي
عليه : حبيبي
ثم بكادر الطائر تصرخ بحبيبي الأخيرة و تسقط على الأرض مع تكرار مشهد السقطة و دمجة مع الصورة التي لها في الحمام و هي تشرب ما شربته
يهرول نحوها كل من العروسين يؤزارانها و هما يبكيان و أما هي فتنظر له بتهالك و تزيح بيدها خصلة من شعره ساقطة على جبهته و تمرر يدها على وجهه : حبيبي يا حبيبي ثم تنظر لها :حبيبي يا حبيبي و تأخذ يداهما و تربطهما و يركز الكادر على أيادي ثلاثتهم و مع آخر حبيبي تقولها تريح رأسها و تغمض عينيها و يظهر من المشهد صراخ من جميعهم لكنه غير مسموع
يصعد الكاست بجانب مشهد للزوجين يقفان أمام قبرها مع دوي جزء "راح ضحي بأيامي " : و ينحنيان ثم يمضيان و نقترب على حافة حجر قبرها فإذا بنا نجد دبلتين تحتها صورة ثلاثتهم في الفرح و هي ناظرة له
فركش :D :D

Thursday, April 1, 2010

أطواق نجاة

إنني خائف جداً ، مرتعباً . من الغريب بالطبع أن أبدأ بكتابة مدونة مثل تلك بمثل تلك الكلمات بدلاً من أن أبدأ بمثيلاتها من الكلمات المشجعة التي تساهم ببناء مقدمة طبيعية استطيع خلالها أن أنفد إليكم بموضوعي الذي أود التحدث فيه . كلمات غريبة أعلم و لكن من قال إن الظروف التي أمر بها لظروف طبيعية . لأا أعلم إن كانت ستواتيكم الفرصة يوماً حتى ترون تلك المدونة كما اكتبها الآن ، لا أعلم إن كانت ستواتيكم الفرصة لتروا الورق المتألف من أوراق الشجر و الحبر من الدماء . ما الذي وصل بي إلى مثل تلك الحالة ؟ اتصدقونني إن أخبرتكم لإنني بدوري لست أعلم ؟ لقد مرت الأحداث بسرعة البرق . لقد كان الإيمان به قوياً . كيف تم الأمر ؟ كيف حدث ؟ و ترى ما الذي يحدث الآن ؟ بدا الأمر عندما وجدت رسولين مبعوثين من قبل السيد يطلبان للسيد و حاشيته يسألانني بيتي المتواضع الحقير الذي يدعوه السيد عليته أن يكون متكأ لهم . لم تكن تلك المرة بالأولى ، لقد تشرفت المدعوة عليتي بالسيد في العديد من المرات و كانت منارة في حال مجيئه و كخيال مآتة تبدو عنذ ذهابه لذا فما ترددت لحظةً عندما طلبها . اعطيتهما المفاتيح . المدعوة عليتي احبها أن تكون منارة ، أعشق أن يرقب المارون النور الخارج من خلف نوافذها لأنهم متأكدون من وجود السيد هناك ، ذلك السيد الذي تعلق به آمالهم كمخلص و ينتظرونه منذ السقوط و أنا أولهم . كان من المفترض إن السيد يحب أن يجتمع بخواصه و لا يحب أن يعكر أحد عليه صفو تلك الجلسة فقطعك أياها لأن تفتح باب السماء بتبجح داخلاً بغير ثياب العرس لتقطع طعام ابن الانسان الذي له طعام مختلف عن طعام بني البشر ، وقد كان الأمر يثير حنقي و غيظي في البداية إلا إن غيرتي تلك خُتمت بابتسامة منه معلناً لي إن أتذكر إن الأمر برمته يتم ، في البداية و في النهاية ، في تلك المدعوة عليته و إنني سأعود لنجلس سوياً يوماً حين يحين الوقت المناسب . لذا تركتهما يذهبا و لم أصحبهما و أكملت محاولاً أن أملأ ما كنت أفعله من ملء أجراء الماء لأن بيتنا يحتاج إلى الماء . لي ستة أيام أحاول أن أغسل قدمي بمياة إلا إن الأمر لا يجدي و قدماي فقط لا تنظفان بل و تتأكلان و اكتشفت السبب ، المياة الذي يجلبها عبيدي ، المياة التي لم تنجح في غسل أرجلي ، المياة التي ساهمت في تآكل قدمي كانت كلها مياة مالحة قادمة من ذلك البحر . اغتممت يومها و لكني اسرعت ابحث عن الحل و اسأل الجمع فدلوني بركة لها سلوام كاسم و اخبروني إن لها قوة معجزية مع اختفاء القمر من كل شهر و لكن في غير ذلك فإن المياة نفسها طاهرة و لها فوائد صحية و ها أنا أملأ الأجران و لا انجح ، اضع الجرن في العمق و اخرج به فإذ به فارغاً . ضجري و حنقي جعلانني اتذكر السيد و شعرت شعوراً غامضاً محتواه إن اليوم ليس كأي اليوم . نعم ، ها أنا سأقوم و أعود إلى هناك ، أصل كل الأشياء . اسرعت و صعدت لتلك التي يدعوها عليته . اختبأت خلف الستائر ، مشهد مألوف اثنا عشر فرد يتوسطهم الثالث العشر ، الأصل ، المخلص ، السيد . اللعنة ، لماذا جلسوا من تلك الناحية ؟ لماذا لم تكن ستائر المدعوة عليته من الناحية الأخرى حتى اتمكن من قراءة شفاههم ، رؤية نور وجهه و انطباعات وجوه الباقي . لم تعد عيناي بالمفيدة ، أشكر الله إنه لم يكتف بها كحاسة يخلقها في فقد اعطاني من الوزنات العديد . نعم ، ساستمع إلى حواراتهم . من الخلف استطعت أن أرى حركات أيديهم فقط إلا إن ما سمعته وقتها لم يكن يتوافق . سمعت السيد يسأل : بكم أحد سيسلمني فسمعت كلٍ منهم : العلى أنا يا سيد ؟ و دار السؤال على السنتهم حتى توقف عند من كان على يساره و حينها سمعت السيد :"أنت قلت" ثم "أرجوك إذاً أن تتعقل و تتوقف عن فعل ما تنتوي فعله " و عند نهاية الجملة دار الوجة المقدس لمواجهة التلميذ الذي كان عن يساره و الحدث الذي فجر بداخلي أول ينابيع الخوف إلا إن فمه الذي استطعت أن المح حافته لم يتحرك و لكن الصوت دوى في أذني و من الواضح إنني لم أكن بالوحيد الذي سمع الجملة الأخيرة فقد ارتسم قلق سريع على وجة التلميذ و دار بوجهه يجول في المكان ثم عاد ساكناً كأن شيئاً لم يكن . استطعت رؤية تلميذ يدفع التلميذ الذي عن يمينه فسمعت من كان على اليمين و في الحضن يسأل : اخبرنا من فسمعته يقول : من اغمس و اعطيه هو الذي يسلمني" من كان على اليسار ومن توتره امسك بكسرة في الخبز محاولاً التظاهر بانشغاله عن الكلام و مد يده و ... اللعنة ، ماذا فعل وقتها ؟ كيف فعل ذلك ؟ أمن أجل أن يتظاهر بعدم السمع يتجاهل أعراف الفصح و يتجاهل الصوت الجهوري الذي دوى "أرجوك ، لا تغمس معي " و يغمس مع السيد في الصفحة ذاتها ؟ ماذا يظن نفسه ؟ إلا إن السيد لم يفعل شيئاً له و كأنما لم يرتكب شيئاً بل أعطى له كسرة في الخبز . استطعت أن أرى طرف وجهه وقتها من عين دامعة و فم عليه تلك الابتسامة الحزينة المعهودة و الصوت يدوي و كأنما تنهمر الدموع من الصوت نفسه بفم صامت صارخاً فيه :" أرجوك ، لا تأخذ تلك الكسرة ، إفزع ، إصرخ في وجهي ، إبكي ، إنكر ، إعترف بخطيتك و لكن لا تأخذها مني ، إلا إن يكون أنت يا يهوذا ، أقبل أن يرفضني العالم كله و يسلمني و لكن ... إلا أن يكون أنت ، أرجوك ، لا تأخذها ، أرجوك ، أرجوك " كان من الواضح إنني لست بالفعل من يسمع الصوت الجهوري و إن ذلك اليهوذا يسمعه أيضاً . خاف هو بدوره ثم تشجع و كأنما فارس يغالب مخلص لملك أسود أخذ الخبزة ببساطة و بعينين متحديتين ساخرتين . عم الصمت فجاة و بعدها دوى تحرك فم السيد :" ما أنت مزمع أن تفعله فافعله سريعاً" احنى يهوذا رأسه للسيد في طاعة مثل المقاتل الذي يحني رأسه تحية لعدو له قبل القتال . وقتها ، قام ، التفت نحوي معطيأ أياهم أجمعين ظهره و تحرك نحوي و اقترب مني و تجاوزني و كأنما عمي عمن كل من كان حوله غير شاخصاً إلا لهدف واحد . تبعته و لما خرجنا ، امسكته محاولاً أن أعيد اياه إلى الوراء ، صرخت و أنا منهمر في بكاء هيستيري :" لقد توسل إليك السيد ، لقد ترجاك ، أنت سمعته ، أرجوك ، أرجوووك" و اكتشفت إن النظر لم تكن بالحاسة الوحيدة التي ماتت فيه ، لقد ماتت داخله حواس أخرى . لم يسمعني ، لم يجبني ، دفعني ، أسقطني و مضى . ظللت هناك خارجاً ساقطاً باكياً . بكيت لمدة ليست بقليلة حتى رأيتهم . خرجوا بهيئة مختلفة ، وجوه مضيئة تبعث على البهجة و البسمة و ... و الأقدام لم تكن فقط نظيفة مضيئة إلا إنها كانت صحيحة لا توسخها التراب أو تجرحها الحصى . مشدوهاً ، تبعتهم من بعيد . ظل السيد يتحدث معهم كثيراً حتى وضلنا لبستان مدعى جسثيماني . طلب أن يختلي بثلاثة من تلاميذه و تلك المرة ، احترمت رغبته و جلست في مكاني أراقب التلاميذ اللذين لم يتمكنوا من مقاومة النوم . كنت أنا لأنام مثلهم إلا إنني شعرت بلسعة برد فطوقت كتفي فنظرت إلى الجهة التي منها النسيم البارد فإذ بي أراه . ذلك اليهوذا آت و معه العديد من رؤساء الكهنة بالجنود الرومان مصحوبين . كيف استطاع ؟ كيف استطاع هذا اللعين ؟ كيف أن استطاع أن يجمع الجبهتين المتعاديتين ؟ هممت بالاندفاع لأحذر التلاميذ أن يخفوا السيد إلا إن السيف سبق العذل و ظهر السيد متبوعاً بالثلاثة . توقف المشهد و عاد السيد يقطع الصمت :" يا صاحب ، لماذا جئت ؟" ثم "أتعلم يا يهوذا ؟ أتعلم ؟ حتى الآن ، توجد لك فرصة ، مازلت أحبك و مازالت الفرصة قائمة أمامك " ثم ابتسم مكملاً بالصوت الخفي الجهوري " و أنا أرجوك تلك المرة أن تأخذها ، خذها يا حبيبي ، خذها ... يا صاحب " قد يكون ذلك اليهوذا على دراية باحترام العدو قبل المقاتلة إلا إنه لم يستطع أن يتحمل مفهوم المحبة المطلقة الكاملة الأعداء . الأمر الذي جعله يعود إلى الخلف و يطلق لقدميه العنان . فجأة ، انقلب الموقف . حاولوا أن يمسكوا السيد فحاول اتباعه حمايته إلا إنه لم يلبثوا أن خافوا و بدأوا يهربون الواحد تلو الآخر . ظللت واقفاً أرقبهم واحداً واحداً إلى أن وجدت يد قاسية تمتد من عدم لتمسك بالإزار الذي ارتديه . تريد الإزار ؟ خذه . و خرجت منه عرياناً مقلداً بهذا أبانا يوسف لما هرب من ثوبه هو الآخر إلا إن الفرق كان واضحاً تلك المرة . هرب هو من خطية أما أنا فهربت من مجد . ظللت أجري و أجري بين الأغصان ناسياً البرد ناسياً التعب ناسياً حتى ما كنت أهرب منه حتى عاد الصوت الجهوري يدوي و يذكرني : "أين أنت ؟ " فتوقفت و سقطت على ركبتي :"سمعت صوتك فهربت لأنني عريان " فأجاب الصوت تاركاً صدى :" و ما أدراك إنك عريان ؟ "حاولت أن أجد الاجابة إلا إنني فشلت . ظننت البرد السبب فوجدت شجرة فروعها فارغة ساقطة كافة أوراقها بجانبها . حاولت أن أغطي نفسي بالأوراق حتى اكتشفت الفاجعة . الأوراق كانت لشجرة تين ، تلك التي لعنها السيد منذ ثلاثة أيام . بكيت و جلست سانداً ظهري على الشجرة . أخذت ورقة من الورق ، جرحت نفسي و ها أنا أكتب إليكم ما حدث . إنني خائف جداً ، مرتعباً . كلمات ستنمحي إذا أجبت على تلك الأسئلة لي
ما أدراك إنك عريان ؟
ما الذي يحدث الآن ؟
هل سيعود السيد إلى حيث يدعوه عليته يوماً ؟

Thursday, January 21, 2010

ذات يوماً صحواً مشرقاً

كان اليوم يبدو صحواً مشرقاً و كانت المجموعة ذاتها هناك في ذلك المكان المعهود لهم في احدى جنبات جنينة الكلية . كانت هناك الهمسات نفسها ، الضحكات ذاتها ، الكلمات بعينها ، حتى هلت . كانت هي الشمس المشرقة ذات النور السهاري الذي يرشد في ظلمات ليل شعرها المنساب . أتت كالعادة بروح الأطفال التي تستحوذ عليها و تجعلها تتفوق على جمالها بجمال آخر ذي طابع خاص . كان البدر أكثر اشراقاً اليوم في ضحكته أكثر من أي يوم ذي قبل و هذا طبيعي فقد كان اليوم صحواً مشرقاً . أتت و سلمت على المجموعة برقتها المعهودة بتلك اليد التي تخشى التهشم من أي يد غاشمة فتكتفي أن تترك نفحة من بركتها على أيدي أعضاء المجموعة . بعد السلامات و التحية ، فوجئوا بسانتا الجميل الصغير يخرج من حقيبته مجموعة من الكروت و حينها دق ناقوس الخطر . "و دي تبقى أيه الحاجات الحلوة دي ؟ " هكذا قال ذو العوينات
نظرت له و هي تستكمل إخراج ال... " لأ دي تبقى دعاوي"
" عيد ميلاد بقى و الدلع الأزلي ده ؟ مش كبرنا بقى على الحاجات دي ؟"
هكذا قال الطويل مما جعلها تنظر له نظرة العتاب القاتلة
" لأ ، وعشان تتأكد إن الموضوع مش لعب عيال ، دي تبقى دعاوي ... خطوبتي "
و كان ذلك هو الوقت الذي نظروا فيه إلى الصامت على الرغم من إنه لم يقم بتغيير حالته
لم تحزن هي من عدم استحوازها على اهتمامهم فقد شاركتهم النظرة و رأت وجه جميل المحيا مبتسماً ، فقد كان اليوم صحواً مشرقاً ، يقول لها بفم لا يتحرك إلا نادراً :" مبروك "
لم يستغرق كل هذا بما تتبعه من أحضان الفتيات لها و سلامات الفتيان المملوءة رجولة أكثر من دقيقة ، أما الدقيقة التالية فقد مضت في اختراع أذون كفيلة بأن تبعدهم عن الساحة لكي يمضوا و لا يتبقى إلاهما - الصامت و البدر .
ظلت ناظرة إلى نقطة ما بعيدة ، حاولت أن تهرب بالتأمل في الشمس التي كانت جميلة في ذاك اليوم
فقد كان اليوم صحواً مشرقاً
إلا إنها سمعت صوته يأتي قوياً من الأرض ليقطع حبل أفكار البدر :" بتحبيه؟"
نظرت له و قالت له بتحدي كان لها قبل أن يكون له :"أيوة "ثم لم تلبث أن أنهارت عندما رأت العينين القوية و الابتسامة الحزينة فعادت تنظر بعيداً مخفية لمعان الدموع الذي يبدأ يظهر في العينين.
-"أنا آسفة بس أنا مضطرة أمشي" و مضت دون أن تنتظر منه إذن
ابتعدت لمترين و كانت تلك هي اللحظة التي شعرت بالكيان يقف من وراءها بعد أن كان جالساً . فجأة ، عادت مندفعة و ألقت بنفسها بين ذراعيه باكية :" أنا آسفة "و سقطت من اليدين التي تحيطان بكتفيه دعوة على الأرض إلا إنها تركته بالسرعة التي عادت بها له سواء في سرعة الوقت أو في سرعة اندفاعها.
ظل واقفاً يرقبها في تأمل . كانت صورتها تلعب في عينيه نظراً لغيمة سحابة أمطار الدموع التي بدأت تهطل على انعكاسها في نظره .لم يعد نور اليوم الصحو المشرق يساعد عينيه على الرؤية بل ساعد الأمطار على حجب الرؤية تماماً . سرعان ما عادوا الرجال و احاطوه معضدين أياه أما هو فبكل بثبات انحنى ليلتقط الدعوة الساقطة تحت قدميه و ابتسم لأصدقائه و قال "عقبالنا يا شباب" و احتضنهم بقوة بعد أن ألقى بالدعوة لأعلى لكي تلاعب نور الشمس معلنين سوياً إن اليوم مازال صحواً مشرقاً .