Sunday, November 9, 2008

لو معندكش منه خلي عندك ريحته


بدا ذلك اليوم بداية طبيعية للغاية كمثيله من الأيام ، الاستيقاظ مبكراً ، الذهاب للكلية ، حضور المحاضرات المملة أياها و... و ..... إلى آخره . في فترة الراحة ، لفت نظري أنا و أصدقائي عرض لسيارة سبرانزا في كليتنا . لم تكن السيارة هي التي لفتت نظرنا و لا الموقف نفسه و هو أن يتم عرض سيارة في كليتنا بقادر على لفت نظرنا و لكن ما لفت نظرنا أمر أبسط من هذا كله و هي تلك الفتاة التي كانت واقفة هناك و مسئولة عن الأمر كله و هذا لسبب في غاية البساطة و هو أن الفتاة نفسها ملفتة و أعلم إن هناك بعض القراء الأوغاد يفهمون ما أرمي إليه . عزيزي القاريء ، إن كنت وغداً لا تتحامل على نفسك فكلنا -الرجال- أوغاد . فجأة ، و بعد التلمحيات المزدوجة المعاني بيني و بين أصدقائي ، رأينا إحدى تلك السيارات الطبية مكتوب عليها على حسب ما أتذكر " قطرة الدم مهمة " أو ما شابه . ما أرمي إليه إن تلك السيارة أحدى السيارات التي يتم فيها التبرع بالدم . كنا ثلاثة فتحمس واحد منا و تقدم و سار في الاجراءات و لما رآه التاني بدأ يشاور عقله و يسير بجانبه في اجراءاته . نديت على الثاني :" أنت رايح فين يا عم ؟ " فوجدت الأول يرد :" سيبه يا عم يشوف يمكن يتبرع ما هو مش واطي زيك " فوجدت نفسي أقول :" ماشي يا عاليين ، شوفوا حالكم و أنا مستنيكم هنا " و اخترت أحد الأماكن و جلست . بدأت أشعر بالملل فاطلقت لتفكيري العنان و يا ليتني ما أطلقته . سمعت قصة ذات مرة عن راهب رأى سيارة حاملة لأطنان من الخيار و كانت تسير فسقطت من الأطنان خيارة واحدة فأكلها ثم شعر بالندم و عاش حياته كلها يتوب عن تلك الخطية و كان بالكوميديا الكافية -من روى علينا القصة -أن يسألنا متى من الممكن أن نشعر لو كنا مكانه إذا كان ما فعلناه خطية أصلاً ؟ ثم ربطت تلك القصة بما يحدث الآن : هل أنا (واطي) فعلاً ؟ أعترف إنني أعشق في الأفلام تلك الأدوار الذي يكون فيها الرجل وغداً على مدار الفيلم كله ثم تظهر رجولته في النهاية كدور صاحب الضحكة الشهيرة "رشدي أباظة" في فيلم "في بيتنا رجل " بضم الجيم و من تلك القصتين استنبطت سؤال ما هو الموقف الذي سيجعلني أفكر فعلياً في أن أتبرع بدمي ؟ هل إذا رأيت أصدقائي يتبرعون ؟ أبداً فقد رأيت واحد من أصدقائي يتبرع هذا الصباح و ها هو الآخر و لم أتأثر و أخذت أفكر و أفكر إلى أن بدت بوادر الأمل حين فكرت في موقف معقد و هو أن يكون حدث خطب ما لشخص مقرب لي فذهب إلى المستشفى و ذهبت له ثم جاء أحد الأطباء ليسألني أن أتبرع لأن هناك عجزاً في الدم داخل المستشفى . ياللهول ، كارثة + عجز في الدم داخل مستشفى كاملة + شحاتة = حتى أبدأ أفكر في التبرع بدم . حقاً ، إن ذلك الوطن له حق أن يفرح بأبناءه الذي لا يفكر كل واحد فيهم في راحته و لو على حساب آخرين . تعجبني تلك الحملات الأعلانية التي تتكلم عن أن الخير في الشباب و احسبها صح التي تضع أمالاً كبيرة علينا نحن الشباب الذي نقضي وقتنا في أمور تافهة و السخط على ذلك الوطن و نتردد ألف مرة قبل أن نتخذ مواقف مهمة . أنا مقتنع تمام الاقتناع إن تلك البلدة متقدمة بعقول ابنائها و نامية بتصرفاتهم و موقف التبرع بالدم هذا عدل من وجهة نظري كثيراً . حتى يتقدم ذلك الوطن ، لا نحتاج فقط للاهتمام ، نحن نحتاج أكثر للإقدام . و حتى تنتهي القصة كما يجب ، انتبهت من تفكيري على صوت :" يللا بينا يا عم نمشي "
-" الله ؟ و أنت مش هتتبرع زي صاحبنا ؟ "
-" لا يا عم الموضوع طلع صعب أوي " ثم صمت قليلاً و هو يدور بعينيه في المكان :" أمال .... أمال فين سبيرانزا ؟ " و غمز لي
تأبطت ذراعه و أنا أقول بابتسامة ساخرة :" أيوة كده ، هو ده الكلام المظبوط ، دم أيه ؟ و كلام فارغ أيه ؟ هو أحنا عندنا دم أصلاً " و ضحكنا و نحن ذاهبين نحو مكان عرض السيارة و أنا أعلم تماماً إنني أنا و هو كنا نضحك على أسباب مختلفة تماماً *********

1 comment:

J Osama said...

enama 2oli ya abo john ... min as7abak dol elle kano ma3ak fel yom da ... :D:D:D