ها أنا أسير أسيراً لليل بسواده و نجومه ، أجوب الطرقات بعد أن سادني ملل مشاهدة فيلم السهرة الأمر الذي دعاني للخروج .
أسير وحيداً تاركاً لخيالي العنان لعله يقدر على تسلية شخص ممل مثلي .
أسير
و عيني ليست مع الطرقات بل مع الأثير
من أحداث بعضها ممل و المعظم مثير .
فجأة استيقظ على صوت أحدهم :" أين تظن نفسك ذاهباً ؟"
الصوت يشبه فحيح الحيات
التفت فأجده هالة من السواد .
-" من تظن نفسك لتمنعني ؟"
-" إنني الشيطان " هنا فقط يلمع وجهه و أستطيع أن أتبين تلك العيون الحمراء و كأنه يحتوي الجحيم نفسه .
ابتسم في استخفاف فيظنني لا أصدقه مما دفعه ليفغر فاه بشده عندما أجبت :" و هل هذا يمنحك الحق الكافي لازعاجي ؟"
-" أقدم من البشرية و صراع دائم مع ابناء جنسك يشوبه الحب و الحرب و تسألني عن الحق ؟"
-" انظر إلى نفسك
ها أنت تبدو كواحد من الشحاذين
مسكين محاط بمساكين "
-" أصبحت هكذا لأنني استطعت و لو لمرة واحدة أن أقهر إلهك و أهين العظيم فأصير بهذا أعظم "
خاف لما صرخت فيه :" فعلت هذا لأنك غبي
لأنك أحمق
لأنه استطاع أن يستدرجك و خدعك "
-"إن كنت لا تريد أن تسمع كلامي و تلزم بيتك لأجلي
افعلها كما يفعلها ابناء جنسك لأجله
احتراماً لطريق اهانته و ذله "
يقول هذا فأبدأ بالدوران حوله :
-" ليس بالبقاء في المنزل فقط يستطيع الانسان أن يعطيه وضعه فكثيراً ما جلست في منزلي إلا إنني ..."
و أنظر له
و أشير نحوه :
-" كنت أفعل مثلك بل و كنت أتفوق عليك " و اقتربت منه و تأبطت ذراعه :
" هذا لأن صلبي له كان مختلفاً
يحمل العديد من دروب الفن "
-" ماذا تقصد ؟"
-" إنك فقير جداً يا عزيزي الشيطان فقد كنت تمارس دوراً واحداً في هذا الأسبوع أما أنا فقد كنت بالبراعة الكافية أن أكونهم كلهم ، يوم الأحد أتجه إلى نخلة و أقطع بضعاً من السعف عائداً إلى هذا الملك الذي يعلو الجحش ابن الاتان مهللاً مع الناس و صوتي يذوب مع صراخهم أوصنا الآتي باسم داود ،
أعيش أسبوع كامل بكل المشاعر و الأحاسيس
حتى أصل لذروتي يوم الخميس
أبيعه و أهرب تاركاً اياه و أصرخ في بطرس : أنت تعرفه فأنكر
و أخاف حبل المشنقة فأبكي
و أتذكر حينها إنه غسل قدمي فأغسل يدي متبرئاً من دمه الذي كان على رأسي و ملأ يدي عندما جلدته ، ضربته بالحربة و صلبته .
صلبته و أنا أصرخ له : اذكرني متى جئت في ملكوتك و أنا أعلم إنه يحررني الآن من قيود الظلمة و ظلال الموت . صلبته و أنا أعلم تماماً إن تلاميذه ليسوا بحاجة ليسرقوه لأنه سيفي بوعده يقوم .
صلبته بتبجح ليس عن جهل مثلك فأنا أعلم إنه سيقوم لأنه الإله و ابن الله " ثم أطرقت :" يا عزيزي إنني أكثر عبقرية منك فأنت حاولت أن تهينه من الخارج أما أنا فألبس جسده و أجعل أعضاءه أعضاء زانية " و أصبح صوتي مخيفاً تعلوه ابتسامة أكثر رعباً :
-" أعلمت الآن إن الانسان أقوى من الشيطان فمن يظن الشيطان نفسه ؟ الانسان يستطيع أن يصير الأعظم لأن القوتين الباقيتين غير قادرتين على ردعه ، الشيطان لأنه غبي و الله لأنه يحبه " و أريته المعنى الحقيقي للابتسامات الخبيثة و أنا أقول :" أرأيت عبقرية أكثر من هذا ؟ "
ظل مشدوهاً مذهولاَ ثم فجأة رفع قبعته و انحنى . نظرت له لمدة ليست بكبيرة ثم غمغمت :" غبي " و مضيت .
-" بل أنت الغبي ، لو كان الحب لا يستطيع أن يردع لما صرت على ما أنا عليه و لما أتخذه الله له اسماً " قالها و أنا ابتعد معيد القبعة على رأسه و يقف من جديد تعلو وجهه ابتسامة استخفاف قبل أن يمضي هو الآخر في طريق آخر
No comments:
Post a Comment