Sunday, September 13, 2009

لمحة غضب


تنتظر في احدي المواقف ذلك الأوتوبيس الذي يقلك لبيتك بسلام . نعم من حقك أن تمل عندما يتأخر ذلك الأوتوبيس خاصةً عندما تكون متورطاً في حمل غرض ما كعلبة تحتوي على تورتة هشة عرضة للتدمير مع أي حركة مبالغ فيها . نعم ، يتأخر الأوتوبيس إلا إنه يأتي في النهاية و تركبه . لا ، الحبكة لم تنته بعد . لو إنك محظوظ مثلي فبالكاد ستجد مكان مثلما وجدت أنا لكن ما أطلبه منك - محظوظ كنت أو لا - بأن تلق نظرة من النافذة . انظر إلى تلك السيارات التي تحيق بك من كل جهة و تجعل الحركة بطيئة الأمر الذي يجعلك في بعض الأحيان تلجأ للتاكسي الذي يبتزك فقط توفيراً للوقت لأنك تعلم جيداً إن ذلك الأوتوبيس التي وفرته لك الحكومة يحقق الغرض الذي تريده لكن بعد فوات الأوان و قد يكون تكنيك جديد لها في تعليم شعبها القناعة . بالكاد ينفتح الشارع و يأخذ سائق الأوتوبيس نفساً و ينطلق لتجده فجأة - و يا للعجب - يقف على جانب الشارع . تدقق النظر لتجد إن هناك أحدهم بجانب نافذة السائق - خير اللهم اجعله خير - يتشح بالبياض تعلو وجهه قبعة سوداء و على كتفيه شارات يدعوه الناس أولهم السائق بسعادة الباشا ز كان سعادة الباشا ظابطاً يطلب من السائق الرخص فرفض السائق لسبب منطقي جداً إنه واثق لو إنه أعطى لسعادة الباشا الرخص فلن يراها في ذلك العام على الأقل لذا فقد وقفت مسيرتنا بعد أن كانت قد بدأت تسير . ينزل السائق و تسمع الناس بجانبك يمارسون دورهم الأزلي في استنتاج أصول المشكلة . تبدأ بحث الناس على التجمهر و القيام بفعل ما سوياً حتى تسير القافلة مجدداً كالوقوف على سبيل المثال إلى جانب السائق في محاولة لفض المشكلة فتجدهم بعد أن كانوا يلعنون السبب الحقيقي في التأخر ألا و هو سعادة الباشا الذي تلقى من سعادة باشا آخر أعلى رتبة لمجرد إن الأخير لا يستطيع أن يعود بيتهم ينام بدون أن يجد ضبطية ، اتخذوا كبش فدا آخر منهم يلعنوه أمامك ألا و هو سائق قافلتك . تنزل و تحاول أن تجد حلاً و تنظر للتورتة ثم للظابط و يبدأ الشيطان بالتدخل في المسيرة. نعم قد نكون منعنا أي ظروف تسمح بشيطان الاباحية بأن يأتي لنا إلا إننا نحن من خلق الشيطان الذي يحمل بندقية يصوبها نحو دائرة المباديء . تدفع الشيطان بعيداً و تعود لتجلس في الأوتوبيس لأنك مؤمن إنه حتى ينصلح حال كل فرد في الأوتوبيس و يتحلى بالمباديء مجدداً فلابد أن تبدأ بنفسك أولاً . و لأن الله كبير و يمهل و لا يهمل فقد تدخل سريعاً و فض المشكلة بعد أن رأى و أراك كل رد فعل كان يريد أن يراه . أخيراً ، ستعود لمنزلك و يستقبلونك بالورود و الرياحين لأنه عيد ميلادك . تبتسم في وجوههم و لكن واجه الواقع ففي النهاية ستجلس على الحاسب ليلاً تتحدث مع شاشة و قد تمتب مقالة مثل تلك في حالة ملل و تفكر في نتيجة جهنمية تجمع كل ذلك . لماذا نحن الأوتوبيس الوحيد التي تتجمع فيه كل السلبيات و تستحي سلبية على أن تلغي فاعلية أختها بل تبذل كل المجهود حتى تقويها ؟ و يبدأ السؤال بالتفرع إلى عدة أسئلة صغيرة : إذا كان الابن سيكون عاق فلماذا ينجب الناس ؟ و إذا أخطأوا و انجبوا لماذا يصلوا لتلك المرحلة التي عندما تلقي نظرة من النافذة تجد كل هذا الزحام ؟ و إذا أخطأوا و جلبوا كل ذلك الزحام الذي بالكاد تجلس معه في أوتوبيس فلماذا لا نستغل ذلك العيب في أن نتكاتف ضد كل من هو ظالم و ننقذ كبش الفداء ؟ و إذا كان كبش الفداء نفسه على استعداد أن يطير إلى تلك الدرجة التي معها أوقفه الباشا فلماذا جاءك متأخراً من البداية ؟ تبتسم في النهاية و تغمغم في داخلك في لمحة من الغضب ناظراً إلى الشاشة : يا لك من أوتوبيس يا مصر .....

No comments: