Friday, August 29, 2008

البيضة أولا ، أم الفرخة ؟

تلك القصة مبنية على أحداث حقيقية للأسف
هو شاب كاد أن يشارف على العشرين . أعطاه الله موهبة الكتابة و هو يكتب ما يجيش بصدره و ما يتمنى أن يحدث و الدنيا الكاملة كما يريدها إلا إن مشكلة وحيدة كانت تقابله . إنه يكتب و يحتفظ بما يكتبه في بيتهم و بعد أن ينهمك في الكتابة ، لا يعير أحد اهتماما لكتاباته و نادرا ما يهتم أحد من العائلة (والده أو والدته) إلا إنهما دائما يشجعاه على الاستمرار في الكتابة و هذا ما كان يساعده في التغلب على أحزانه إلا إنه في بعض المرات ، كانت تصل به أن يصرخ بالجملة التي قالها نور الشريف في فيلم المصير : أنا بكتب ليه و لمين ؟ كانت أمنية حياته أن يصل صراخه ، فكره ، مشاعره و أحاسيسه إلى الناس حتى جاء اليوم . كان جالسا في بيتهم ذات يوم و سمع صوت محموله يرن فرأى الشاشة فإذ به والده . رد و بعد المقدمات الروتينية ، بدأ والده : قريت جورنال امبارح ؟ فقال هو : لأ ، ليه يا بابا ؟
أصلهم كانوا كاتبين عن مسابقة كده للروايات فقلت تقدم روايتك الجيدة يمكن تكسب ؟ ، هكذا ردد والده بضحك
بجد يا بابا ؟ قالها و عاد إليه حلمه من جديد فقد كان يتمنى دائما أن يدخل مسابقة محترمة بأحدى رواياته لعله يحوز على جائزة يستطيع أن يستخدمها لكي يلفت إليه نظر القراء اللذين لن يلتفتوا إليه إلا لو وجدوا اسمه على الكتاب بجانب الجملة المعهودة "الرواية حائزة على جائزة كذا " لذا فما أن استمع من والده هذا الخبر في ذلك اليوم ، أخرج الجورنال و قرأ المسابقة بشروطها جيدا و استوفى جميعها ليذهب في ذلك اليوم المشئوم إلى مقر المسابقة و يقدمها هناك . استقبلته السكرتية هناك بكل اللطف الممكن و أعطته الأبليكاشن حتى يملأه ثم نظرت و هو يملأه إلى نسخ روايته و سألته : هي الرواية اتنشرت و لا لأ ؟
قال المسكين مبتسما ابتسامة واثقة : لأ ما أنا قلت منشرش إلا لما آخد الجايزة عشان الناس تقرالي
قالت له و قد بدأت تكتشف إن هناك سوء تفاهم : بس ده مكتوب في الشروط إنها لازم تبقى صدرت بين فترة كذا و فترة كذا
بدأ يفهم : هو مش صدرت دي قصدكم بيها أتألفت؟
لأ ، إحنا آسفين جدا ، مش هنقدر نقبلها ، قالتها بذلك الحرج المستفز
لا ، لا ، مفيش مشاكل ، قالها و نزل . انتظر الأوتوبيس في صمت حتى أتى واحد و ركبه . أخذ يفكر و هو يراقب الشوارع التي تمر من وراء النافذة : يوما سأنتقم عندما يصل صوتي و لو في مقدرتي وقتها ، سوف أحرر كل الحناجر المغلقة لكن إلى أن يأتي ذلك الوقت ، كيف من الممكن أن يصل صوتي ؟ حتى يقرأ لي الناس لابد أن أحوز على جائزة و حتى أحوز على جائزة ، لابد أن أنشر القصة و يقرأها الناس و هذا دفعه إلى أن يسأل سؤال مهم جدا : أيهم قبل الآخر ؟ البيضة أولا ، أم الفرخة ؟

No comments: